كورونا، العزلة الاجبارية كيف يعيشها الفنان؟

Ghada Zaky. Foto: Anders Nilsson

توجّهت مجلة الفانوس الى عدد من الفنانين لسؤالهم، كيف يتفاعلون مع الأزمة؟
هذه العزلة الإجبارية هل أربكت الفنان اليوم؟ أم دعته لالتقاط أنفاسه والتفرغ لمرسمه، ليعبّر ويوثق الحدث؟ التقينا مع عدد من الفنانين حول العالم، تحدث كل منهم عن أثر الأزمة والعزل فيما يفعله حاليا ويخطط له لاحقاً.

انتشرت جائحة فيروس كورونا “كوفيد ١٩”، وتم تصنيفها وباءاً عالميا من قبل وزارة الصحة العالمية. اتخذت دول العالم التدابير الصحية اللازمة، للحد من تفشي المرض بين شعوبها، فأصدرت تعليمات للالتزام بالعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي حفاظا على الصحة العامة.

هذه الإجراءات الصحية شلّت الحركة بشكل عام، وأتاحت الفرصة للفنانين التشكيليين بالالتزام قرب مراسمهم، فهل أضافوا مزيدا من الابداع؟

لاسيما أن الفنان هو النبض الذي تقاس به قضايا المجتمع، حين يتفاعل مع ما حوله، ويقود الأزمات ويعيش آلام وأحلام مجتمعه، يوثقها في أعماله ثم يحفظها له التاريخ، وتبقى شاهدة على العصر.

آن بريج قالت انها معركة صعبة من أجل الفرص التي يتم توفيرها الآن – معتبرة كل الفنانين في نفس الوضع الصعب، تحدثت عن أهمية الوقت في الاستثمار والابداع، مبدية قلقها إزاء كيفية سير الأمور في الأشهر القادمة لاسيما مع إيجار الاستوديو المرتفع، معتبرة ان ليس هناك وقت للتوقف بل فقط للعمل والتوثيق.

بينما عبر نيكلاس والنبورغ عن صعوبة في التخطيط للوقت القادم لأنه من الصعب معرفة ما سيحدث عند افتتاح المعارض التي قد يتم الاعداد لها، مبديا تخوفه من التغيير الكبير المتمثل في التحاق المزيد من الفنانين والمؤسسات الفنية بعروض رقمية وما شابه ذلك، واخبرنا انه قام بنفسه بإصدار عرض زين الرقمي حول موضوع الوباء مع ٢٥ من المبدعين المساهمين.


Niklas Wallenborg. Foto: Privat

كريستينا أبيلي إيلاندر التي ترسم وتكتب من منزلها اخبرتنا انها باتت تستخدم اركان مختلفة فتكتب في المطبخ وفي زاوية بحجرة النوم مستغلة الوقت، متخوفة من توقف عملها كمدرس ضيف في مدرسة الفنون لان ذلك سيكون صعبًا من الناحية المالية لا سيما انها اضطررت إلى تأجيل المعرض الذي كانت ستقوم به في نيسان إلى خريف ٢٠٢٠ وأيضًا حفل إطلاق ألبوم مسلسلها الخاص، كما تشتكي من عدم قدرتها على مقابلة الأصدقاء والأحفاد والعائلة والعمل والتدريب.

بينما شعرت ماريا أندرسون ان الامر أعاق فنها فقد تاجل المعرض الذي قضت وقتا تحضر له ولم تنه عملا فنيا جديدا بسبب انشغالها بابنها الصغير الذي عطل عن المدرسة بسبب كورونا ..

أما سارة إدستروم وهي رئيسة المنظمة الوطنية للفنانين تحدثت عن المشكلات التي تسبب بها كورونا للفنانين في كل العالم، ماجعلها تقضي وقتها في البحث عن كيفية مساعدة فناني السويد في الحصول على الدعم من الحكومة، مبدية الأسف حيال الأنشطة التي تم إلغاؤها مصرة على إيجاد طرق جديدة للعمل على الرغم من كورونا وتنفيذ ما تم التخطيط له وان بطرق أخرى.

بين من التقيناهم فنانين من الشرق منهم الفنان بيتر يوسف من مصر الذي تحدث عن معاناته في عمله من انتشار الوباء الى درجة ظن نفسه مريضا دون ان يعرف ان كان الوباء ام حالته النفسية، لكنه بنفس الوقت يرى ان الكورونا مثلت له فرصة العودة الى الرسم بعد انقطاع عامين اثر صراعه للحصول على الإقامة معتبرا ان صراعه للحصول على الإقامة والمال لا يصلح لحياة فنان، مفصحا عن أن الوضع الحالي يوقظ بعض القراءات والذكريات وهو ما يحاول طرحه على سطح اللوحة.


Sara Edeström. Foto: Privat

كذلك الفنانة المصرية غادة زكي مديرة في صالة سوهو فيستروس قالت ان أزمة كورونا جعلتنا نلغي جزء كبير من برنامج الصالة، أكثر من سبع معارض لفنانين من خارج السويد وعقود واتفاقيات، ما جعل الصالة تتاثر ماليا، لكن ما زلنا صامدين وانا أهتم ببعض الأعمال البسيطة التي لازالت مستمرة بواسطة الانترنت لتأمين الدخل، ويومياً أنشر بعض الأفكار على الانترنت مثلاً معرض فني بأسعار محدودة تشجيعاً للجمهور.

الفنانة الهندية نيها كودشادكار اعتبرت ان إلغاء أو تأجيل جميع العروض والفعاليات التي ستكون جزءًا منها هذا العام تمثل فرصة للتأمل والاسترخاء والقراءة وتجديد الافكار بعيداً عن ضغط المعارض، متمنيا أن يكون هذا مفيدًا لأعمالها الفنية.

كريس كريجروفسكي فنانة المانية تراودها أفكار كثيرة لكنها تحاول التأقلم من خلال تجاهل الوباء والخروج في شوارع برلين الممتلئة بالمارًة للتسوق والاستمتاع مرتدية حول فمها وأنفها وشاحا، وترى ان التسوق للحصول على الطعام ممتعًا للغاية.

وترى كريس أن الوضع جيد حقًا في ألمانيا، لكنها تخشى المزيد من التقوقع وإغلاق الحدود رافضة أن يتم حبسها وان يكن من أجل المحافظة على حياتها الى الرغم من انها تعاني نقصا في دخلها المادي.

من خلال هذه اللقاءات مع الفنانين والمعنيين في الفن، كان لافتاً لنا أن العزلة المفاجئة المربكة للبعض حفّزت معظم الفنانين، وأوحت لبعضهم بأهمية التعبير والتوثيق، ومنهم من أبدع في خلق إصدارات رقمية، وآخرون يبحثون عن طرق أخرى للوصول الى المتلقي، ورأى بعضهم أن أهمية العزلة تكمن في التأمل والتعبئة الثقافية.

إن دور الفن يكبر في الأزمات حين يبدع الفنان ويبتكر طرق جديدة أكثر نضجاً وحداثة وأوسع انتشاراً لمواجهة الواقع.

Tamador Ibrahim • 2021-03-03
Tamador Ibrahim är journalist, konstnär, TV-manusförfattare och har skrivit en teater för barn. Hon skriver om kultur i allmänhet, med särskilt fokus på konst.


كورونا، العزلة الاجبارية كيف يعيشها الفنان؟

Ghada Zaky. Foto: Anders Nilsson

توجّهت مجلة الفانوس الى عدد من الفنانين لسؤالهم، كيف يتفاعلون مع الأزمة؟
هذه العزلة الإجبارية هل أربكت الفنان اليوم؟ أم دعته لالتقاط أنفاسه والتفرغ لمرسمه، ليعبّر ويوثق الحدث؟ التقينا مع عدد من الفنانين حول العالم، تحدث كل منهم عن أثر الأزمة والعزل فيما يفعله حاليا ويخطط له لاحقاً.

انتشرت جائحة فيروس كورونا “كوفيد ١٩”، وتم تصنيفها وباءاً عالميا من قبل وزارة الصحة العالمية. اتخذت دول العالم التدابير الصحية اللازمة، للحد من تفشي المرض بين شعوبها، فأصدرت تعليمات للالتزام بالعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي حفاظا على الصحة العامة.

هذه الإجراءات الصحية شلّت الحركة بشكل عام، وأتاحت الفرصة للفنانين التشكيليين بالالتزام قرب مراسمهم، فهل أضافوا مزيدا من الابداع؟

لاسيما أن الفنان هو النبض الذي تقاس به قضايا المجتمع، حين يتفاعل مع ما حوله، ويقود الأزمات ويعيش آلام وأحلام مجتمعه، يوثقها في أعماله ثم يحفظها له التاريخ، وتبقى شاهدة على العصر.

آن بريج قالت انها معركة صعبة من أجل الفرص التي يتم توفيرها الآن – معتبرة كل الفنانين في نفس الوضع الصعب، تحدثت عن أهمية الوقت في الاستثمار والابداع، مبدية قلقها إزاء كيفية سير الأمور في الأشهر القادمة لاسيما مع إيجار الاستوديو المرتفع، معتبرة ان ليس هناك وقت للتوقف بل فقط للعمل والتوثيق.

بينما عبر نيكلاس والنبورغ عن صعوبة في التخطيط للوقت القادم لأنه من الصعب معرفة ما سيحدث عند افتتاح المعارض التي قد يتم الاعداد لها، مبديا تخوفه من التغيير الكبير المتمثل في التحاق المزيد من الفنانين والمؤسسات الفنية بعروض رقمية وما شابه ذلك، واخبرنا انه قام بنفسه بإصدار عرض زين الرقمي حول موضوع الوباء مع ٢٥ من المبدعين المساهمين.


Niklas Wallenborg. Foto: Privat

كريستينا أبيلي إيلاندر التي ترسم وتكتب من منزلها اخبرتنا انها باتت تستخدم اركان مختلفة فتكتب في المطبخ وفي زاوية بحجرة النوم مستغلة الوقت، متخوفة من توقف عملها كمدرس ضيف في مدرسة الفنون لان ذلك سيكون صعبًا من الناحية المالية لا سيما انها اضطررت إلى تأجيل المعرض الذي كانت ستقوم به في نيسان إلى خريف ٢٠٢٠ وأيضًا حفل إطلاق ألبوم مسلسلها الخاص، كما تشتكي من عدم قدرتها على مقابلة الأصدقاء والأحفاد والعائلة والعمل والتدريب.

بينما شعرت ماريا أندرسون ان الامر أعاق فنها فقد تاجل المعرض الذي قضت وقتا تحضر له ولم تنه عملا فنيا جديدا بسبب انشغالها بابنها الصغير الذي عطل عن المدرسة بسبب كورونا ..

أما سارة إدستروم وهي رئيسة المنظمة الوطنية للفنانين تحدثت عن المشكلات التي تسبب بها كورونا للفنانين في كل العالم، ماجعلها تقضي وقتها في البحث عن كيفية مساعدة فناني السويد في الحصول على الدعم من الحكومة، مبدية الأسف حيال الأنشطة التي تم إلغاؤها مصرة على إيجاد طرق جديدة للعمل على الرغم من كورونا وتنفيذ ما تم التخطيط له وان بطرق أخرى.

بين من التقيناهم فنانين من الشرق منهم الفنان بيتر يوسف من مصر الذي تحدث عن معاناته في عمله من انتشار الوباء الى درجة ظن نفسه مريضا دون ان يعرف ان كان الوباء ام حالته النفسية، لكنه بنفس الوقت يرى ان الكورونا مثلت له فرصة العودة الى الرسم بعد انقطاع عامين اثر صراعه للحصول على الإقامة معتبرا ان صراعه للحصول على الإقامة والمال لا يصلح لحياة فنان، مفصحا عن أن الوضع الحالي يوقظ بعض القراءات والذكريات وهو ما يحاول طرحه على سطح اللوحة.


Sara Edeström. Foto: Privat

كذلك الفنانة المصرية غادة زكي مديرة في صالة سوهو فيستروس قالت ان أزمة كورونا جعلتنا نلغي جزء كبير من برنامج الصالة، أكثر من سبع معارض لفنانين من خارج السويد وعقود واتفاقيات، ما جعل الصالة تتاثر ماليا، لكن ما زلنا صامدين وانا أهتم ببعض الأعمال البسيطة التي لازالت مستمرة بواسطة الانترنت لتأمين الدخل، ويومياً أنشر بعض الأفكار على الانترنت مثلاً معرض فني بأسعار محدودة تشجيعاً للجمهور.

الفنانة الهندية نيها كودشادكار اعتبرت ان إلغاء أو تأجيل جميع العروض والفعاليات التي ستكون جزءًا منها هذا العام تمثل فرصة للتأمل والاسترخاء والقراءة وتجديد الافكار بعيداً عن ضغط المعارض، متمنيا أن يكون هذا مفيدًا لأعمالها الفنية.

كريس كريجروفسكي فنانة المانية تراودها أفكار كثيرة لكنها تحاول التأقلم من خلال تجاهل الوباء والخروج في شوارع برلين الممتلئة بالمارًة للتسوق والاستمتاع مرتدية حول فمها وأنفها وشاحا، وترى ان التسوق للحصول على الطعام ممتعًا للغاية.

وترى كريس أن الوضع جيد حقًا في ألمانيا، لكنها تخشى المزيد من التقوقع وإغلاق الحدود رافضة أن يتم حبسها وان يكن من أجل المحافظة على حياتها الى الرغم من انها تعاني نقصا في دخلها المادي.

من خلال هذه اللقاءات مع الفنانين والمعنيين في الفن، كان لافتاً لنا أن العزلة المفاجئة المربكة للبعض حفّزت معظم الفنانين، وأوحت لبعضهم بأهمية التعبير والتوثيق، ومنهم من أبدع في خلق إصدارات رقمية، وآخرون يبحثون عن طرق أخرى للوصول الى المتلقي، ورأى بعضهم أن أهمية العزلة تكمن في التأمل والتعبئة الثقافية.

إن دور الفن يكبر في الأزمات حين يبدع الفنان ويبتكر طرق جديدة أكثر نضجاً وحداثة وأوسع انتشاراً لمواجهة الواقع.

Tamador Ibrahim • 2021-03-03
Tamador Ibrahim är journalist, konstnär, TV-manusförfattare och har skrivit en teater för barn. Hon skriver om kultur i allmänhet, med särskilt fokus på konst.