درس إسبرطة الذي لا تتعلمه إسرائيل!

Människor tvingade på flykt under kriget i Gaza. Bild: Jaber Jehad Badwan (Wikimedia Commons)

اقرأ للكاتب السوري/الفلسطيني، والكاتب السابق في برنامج المدن الآمنة أحمد عزام، عن المنطق الشرير الذي يجعل خيارات إسرائيل تتضاءل يومًا بعد يوم.

بفعل الزمن، وهناك نوع آخر يشبه الخيمة التي تُنصب بسرعة لكنها لا تصمد أمام العواصف. إسبرطة كانت من النوع الثاني، وكذلك “إسرائيل”. الأولى بنَت مجدها على القوة وحدها، حتى اكتشفت متأخرة أن العالم لا يُدار بالسيوف فقط، والثانية، رغم كل ما تدّعيه من حداثة وتقدم وبأنها القلعة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، تبدو عالقة في الدوامة نفسها: دولة لا ترى في نفسها إلا محاربًا، ولا في العالم من حولها إلا ساحة معركة. لكنها ليست وحدها في هذا الطريق، فقد سارت قبلاً مشاريع استيطانية عديدة على الدرب ذاته، وواجهت جميعها المصير نفسه، حين اكتشفت أن البندقية لا تستطيع حمل المشاريع الاستيطانية إلى الأبد.

حين أٌنشِئَت إسرائيل، لم تكن كغيرها من الدول التي ترسم حدودها، بل نشأت على أساس أن البقاء نفسه معركة دائمة. إنها ليست مجرد كيان سياسي، بل مشروع استيطاني لا يستطيع التوقف عند حدود معينة، لأن لحظة التوقف تعني بداية النهاية. وهنا تكمن المعضلة الكبرى: ماذا بعد؟ هل يمكن تحويل دولة تأسست على الحرب والتطهير العرقي إلى كيان عادي؟ هل يمكن لشعب جُبل على الخوف من الإبادة أن يتحرر من عقيدة الطوارئ؟ أم أن البقاء ذاته مرهون بالحفاظ على النزاع، حتى لو أصبح عبئًا؟

كل الإمبراطوريات الاستيطانية الكبرى حاولت أن تبني مشروعها على القوة المطلقة، لكنها اكتشفت متأخرة أن العنف، حين يتحول إلى غاية في ذاته، يصبح لعنة. فرنسا في الجزائر، بريطانيا في روديسيا، نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، كلها عاشت اللحظة ذاتها، حين تحولت من قوة لا تُقهر إلى مشروع مكلف لا يمكن الاستمرار فيه. ليس لأن جيوشها ضعفت، بل لأن المجتمع نفسه بدأ يتساءل: لماذا نحارب؟ وعندما يصبح السؤال مسموحًا، تكون النهاية أقرب مما يتخيل الجميع.

إن اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل عام 1948 كانوا جزءًا من النسيج المجتمعي الفلسطيني، وليسوا ممثلين عن مشروع استعماري. التحول الجوهري حدث مع موجات الهجرة المنظمة، ومن هنا فإن المقارنة مع الجزائر أو جنوب إفريقيا لا تتعلق بأصول الناس، بل بمنطق المشروع نفسه: السيطرة، الإحلال، ورفض التعايش.

اليوم، تكرر إسرائيل نفس الخطأ. منذ السابع من أكتوبر، تبنّت عقيدة جديدة: اضرب، دمر الحجر والبشر، ثم اضرب أكثر حتى تصمّ آذان العالم. ليس لأن العنف المفرط سيحل المشكلة، بل لأن العنف أصبح إدمانًا وجوديًا. لكنها لم تتعلم من أسلافها أن القوة العسكرية، مهما بلغت، لا يمكنها إلغاء حقيقة تاريخية: لا يمكن لجيش أن يقضي على فكرة، ولا يمكن لدولة أن تستمر إلى الأبد على حساب شعب آخر. والسؤال هنا ليس في قدرتها على القتل، بل في قدرتها على تقديم رؤية غير مبنية عليه. ويساعدها في رؤيتها تلك طبيعة المشروع الإسرائيلي نفسه؟

أولًا، إسرائيل تقوم على سردية أنها محاطة بأعداء يريدون إبادتها، وهذه السردية ليست مجرد دعاية سياسية، بل هي جزء من الهوية الإسرائيلية ذاتها. وأي محاولة لتغيير هذه العقيدة تعني زعزعة الأساس الذي تقوم عليه الدولة، وهذا أمر خطير بالنسبة لمن نشأوا على فكرة أن القوة المطلقة هي الوسيلة الوحيدة للبقاء.

ثانيًا، إسرائيل تعتمد على الدعم الغربي، لكن هذا الدعم ليس أبديًا، وهي تدرك ذلك. لذا، هي تحاول استغلال اللحظة الراهنة بأقصى قوة ممكنة، لأنها تعرف أن الزمن قد لا يكون في صالحها على المدى الطويل. هذا يفسر اندفاعها الشرس ضد كل محيطها بعد السابع من أكتوبر، وكأنها تحاول فرض واقع جديد قبل أن تتغير المعادلات الدولية. ويتضح لنا هنا لماذا كان سقوط النظام السوري مرعبًا لإسرائيل أكثر مما نتخيل، وأن مجرد استقرار سوريا هو كابوس يومي لتل أبيب.

ثالثًا، هناك عامل داخلي لا يمكن تجاهله: المجتمع الإسرائيلي نفسه أصبح أكثر تطرفًا وفاشية مع الوقت. الأيديولوجيا الصهيونية تحولت من فكرة دولة اليهود إلى فكرة دولة يهودية دينية متشددة، وهذا يجعلها غير قادرة حتى على إنتاج قيادات سياسية قادرة على مراجعة المسار. القيادات الإسرائيلية اليوم لا تفكر بحلول استراتيجية طويلة الأمد، بل تسعى فقط لتأجيل لحظة الانهيار بكل الوسائل الممكنة.

المنطق يقول إن الدول تتعلم من أخطائها وأخطاء غيرها، لكن إسرائيل تبدو كأنها ترفض ذلك بشكل غريزي. لماذا؟ لأن التعلم يتطلب الاعتراف بإمكانية الخطأ، وإسرائيل لا تستطيع أن تعترف بأن مشروعها نفسه يحمل بذور انهياره. عندما تنظر إسرائيل إلى المشاريع الاستيطانية التي سبقتها، لا ترى نهايتها، بل ترى فقط نجاحاتها المؤقتة. لم تتعلم من فرنسا في الجزائر، لأنها لا تعتقد أنها استعمار. لم تتعلم من جنوب إفريقيا، لأنها تعتقد أن نظامها الديمقراطي يختلف عن الأبارتهايد. ولم تتعلم من إسبرطة، لأنها لا ترى نفسها كدولة محاربين، بل كمجتمع “متحضر” يدافع عن نفسه.

إسرائيل ليست غافلة عن النهاية المحتملة، لكنها عالقة في منظومة فكرية وسياسية تجعلها، بعبارة أخرى، غير قادرة على اختيار طريق آخر.

حين كانت فرنسا تحتل الجزائر، كان الفرنسي العادي مقتنعًا بأن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، لكن مع الوقت، أصبح الاحتلال مكلفًا لدرجة أن السؤال لم يعد “كيف نبقى؟” بل “لماذا نبقى؟” وحين سُمح بهذا السؤال، بدأ المشروع بالانهيار من الداخل قبل أن تسقطه مقاومة الخارج. إسرائيل، مثل فرنسا في الجزائر، تحتاج إلى إبقاء مجتمعها مقتنعًا بأن كل انسحاب هو انتحار، وكل تساهل يعني زوالها. لهذا، هي تعيد إنتاج الخوف بلا توقف، سواء عبر سياسات الترهيب، أو عبر اختراع أعداء جدد كلما اختفى الأعداء القدامى. لكنها، مثل أي مشروع استيطاني آخر، ستواجه يومًا اللحظة التي يبدأ فيها السؤال المحظور بالتسلل إلى عقول الإسرائيليين: هل يستحق الأمر كل هذا العنف؟

إسبرطة لم تسقط لأن جيشها كان ضعيفًا، بل لأنها لم تستطع أن تقدم لمواطنيها أي شيء سوى الحرب. وعندما ظهرت قوى أخرى أكثر قدرة على إدارة الحياة، لم يكن لدى الإسبرطيين ما يدافعون عنه سوى ماضٍ لم يعد يعني أحدًا. المشاريع الاستيطانية لا تنهار فجأة، بل تتآكل ببطء من الداخل. كما سقطت جنوب إفريقيا عندما لم يعد الفصل العنصري مستدامًا، وكما سقطت فرنسا في الجزائر عندما أصبح الاحتلال عبئًا، ستجد إسرائيل نفسها أمام معضلة لا حل لها: هي لا تستطيع الاستمرار بدون العنف، لكنها أيضًا لا تستطيع البقاء بالعنف وحده. ويمكننا اعتبار أن المشروع الصهيوني المنفلت من عدالة المنطق والفطرة البشرية اليوم هو في المرحلة قبل الأخيرة من السقوط.

إسرائيل اليوم ليست دولة عادية، بل كيان يعيش بحالة طوارئ دائمة، ويعرف أن رفع حالة الطوارئ يعني الاعتراف بأن هناك خطأ ما في أساس الفكرة. ومثل إسبرطة، التي ظنت أن الحرب ستُبقيها للأبد، ستكتشف إسرائيل يومًا أن العالم لا يسير وفق منطقها، وأن القوة التي بنتها بعناية ونوايا متوحشة، تصبح في النهاية أثقل من أن تُحمل.

Ahmad Azzam • 2025-05-28
Ahmed Azzam är en syrisk-palestinsk författare som bor i Sverige och var fristadsförfattare i Göteborg 2020-2022.


درس إسبرطة الذي لا تتعلمه إسرائيل!

Människor tvingade på flykt under kriget i Gaza. Bild: Jaber Jehad Badwan (Wikimedia Commons)

اقرأ للكاتب السوري/الفلسطيني، والكاتب السابق في برنامج المدن الآمنة أحمد عزام، عن المنطق الشرير الذي يجعل خيارات إسرائيل تتضاءل يومًا بعد يوم.

بفعل الزمن، وهناك نوع آخر يشبه الخيمة التي تُنصب بسرعة لكنها لا تصمد أمام العواصف. إسبرطة كانت من النوع الثاني، وكذلك “إسرائيل”. الأولى بنَت مجدها على القوة وحدها، حتى اكتشفت متأخرة أن العالم لا يُدار بالسيوف فقط، والثانية، رغم كل ما تدّعيه من حداثة وتقدم وبأنها القلعة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، تبدو عالقة في الدوامة نفسها: دولة لا ترى في نفسها إلا محاربًا، ولا في العالم من حولها إلا ساحة معركة. لكنها ليست وحدها في هذا الطريق، فقد سارت قبلاً مشاريع استيطانية عديدة على الدرب ذاته، وواجهت جميعها المصير نفسه، حين اكتشفت أن البندقية لا تستطيع حمل المشاريع الاستيطانية إلى الأبد.

حين أٌنشِئَت إسرائيل، لم تكن كغيرها من الدول التي ترسم حدودها، بل نشأت على أساس أن البقاء نفسه معركة دائمة. إنها ليست مجرد كيان سياسي، بل مشروع استيطاني لا يستطيع التوقف عند حدود معينة، لأن لحظة التوقف تعني بداية النهاية. وهنا تكمن المعضلة الكبرى: ماذا بعد؟ هل يمكن تحويل دولة تأسست على الحرب والتطهير العرقي إلى كيان عادي؟ هل يمكن لشعب جُبل على الخوف من الإبادة أن يتحرر من عقيدة الطوارئ؟ أم أن البقاء ذاته مرهون بالحفاظ على النزاع، حتى لو أصبح عبئًا؟

كل الإمبراطوريات الاستيطانية الكبرى حاولت أن تبني مشروعها على القوة المطلقة، لكنها اكتشفت متأخرة أن العنف، حين يتحول إلى غاية في ذاته، يصبح لعنة. فرنسا في الجزائر، بريطانيا في روديسيا، نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، كلها عاشت اللحظة ذاتها، حين تحولت من قوة لا تُقهر إلى مشروع مكلف لا يمكن الاستمرار فيه. ليس لأن جيوشها ضعفت، بل لأن المجتمع نفسه بدأ يتساءل: لماذا نحارب؟ وعندما يصبح السؤال مسموحًا، تكون النهاية أقرب مما يتخيل الجميع.

إن اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل عام 1948 كانوا جزءًا من النسيج المجتمعي الفلسطيني، وليسوا ممثلين عن مشروع استعماري. التحول الجوهري حدث مع موجات الهجرة المنظمة، ومن هنا فإن المقارنة مع الجزائر أو جنوب إفريقيا لا تتعلق بأصول الناس، بل بمنطق المشروع نفسه: السيطرة، الإحلال، ورفض التعايش.

اليوم، تكرر إسرائيل نفس الخطأ. منذ السابع من أكتوبر، تبنّت عقيدة جديدة: اضرب، دمر الحجر والبشر، ثم اضرب أكثر حتى تصمّ آذان العالم. ليس لأن العنف المفرط سيحل المشكلة، بل لأن العنف أصبح إدمانًا وجوديًا. لكنها لم تتعلم من أسلافها أن القوة العسكرية، مهما بلغت، لا يمكنها إلغاء حقيقة تاريخية: لا يمكن لجيش أن يقضي على فكرة، ولا يمكن لدولة أن تستمر إلى الأبد على حساب شعب آخر. والسؤال هنا ليس في قدرتها على القتل، بل في قدرتها على تقديم رؤية غير مبنية عليه. ويساعدها في رؤيتها تلك طبيعة المشروع الإسرائيلي نفسه؟

أولًا، إسرائيل تقوم على سردية أنها محاطة بأعداء يريدون إبادتها، وهذه السردية ليست مجرد دعاية سياسية، بل هي جزء من الهوية الإسرائيلية ذاتها. وأي محاولة لتغيير هذه العقيدة تعني زعزعة الأساس الذي تقوم عليه الدولة، وهذا أمر خطير بالنسبة لمن نشأوا على فكرة أن القوة المطلقة هي الوسيلة الوحيدة للبقاء.

ثانيًا، إسرائيل تعتمد على الدعم الغربي، لكن هذا الدعم ليس أبديًا، وهي تدرك ذلك. لذا، هي تحاول استغلال اللحظة الراهنة بأقصى قوة ممكنة، لأنها تعرف أن الزمن قد لا يكون في صالحها على المدى الطويل. هذا يفسر اندفاعها الشرس ضد كل محيطها بعد السابع من أكتوبر، وكأنها تحاول فرض واقع جديد قبل أن تتغير المعادلات الدولية. ويتضح لنا هنا لماذا كان سقوط النظام السوري مرعبًا لإسرائيل أكثر مما نتخيل، وأن مجرد استقرار سوريا هو كابوس يومي لتل أبيب.

ثالثًا، هناك عامل داخلي لا يمكن تجاهله: المجتمع الإسرائيلي نفسه أصبح أكثر تطرفًا وفاشية مع الوقت. الأيديولوجيا الصهيونية تحولت من فكرة دولة اليهود إلى فكرة دولة يهودية دينية متشددة، وهذا يجعلها غير قادرة حتى على إنتاج قيادات سياسية قادرة على مراجعة المسار. القيادات الإسرائيلية اليوم لا تفكر بحلول استراتيجية طويلة الأمد، بل تسعى فقط لتأجيل لحظة الانهيار بكل الوسائل الممكنة.

المنطق يقول إن الدول تتعلم من أخطائها وأخطاء غيرها، لكن إسرائيل تبدو كأنها ترفض ذلك بشكل غريزي. لماذا؟ لأن التعلم يتطلب الاعتراف بإمكانية الخطأ، وإسرائيل لا تستطيع أن تعترف بأن مشروعها نفسه يحمل بذور انهياره. عندما تنظر إسرائيل إلى المشاريع الاستيطانية التي سبقتها، لا ترى نهايتها، بل ترى فقط نجاحاتها المؤقتة. لم تتعلم من فرنسا في الجزائر، لأنها لا تعتقد أنها استعمار. لم تتعلم من جنوب إفريقيا، لأنها تعتقد أن نظامها الديمقراطي يختلف عن الأبارتهايد. ولم تتعلم من إسبرطة، لأنها لا ترى نفسها كدولة محاربين، بل كمجتمع “متحضر” يدافع عن نفسه.

إسرائيل ليست غافلة عن النهاية المحتملة، لكنها عالقة في منظومة فكرية وسياسية تجعلها، بعبارة أخرى، غير قادرة على اختيار طريق آخر.

حين كانت فرنسا تحتل الجزائر، كان الفرنسي العادي مقتنعًا بأن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، لكن مع الوقت، أصبح الاحتلال مكلفًا لدرجة أن السؤال لم يعد “كيف نبقى؟” بل “لماذا نبقى؟” وحين سُمح بهذا السؤال، بدأ المشروع بالانهيار من الداخل قبل أن تسقطه مقاومة الخارج. إسرائيل، مثل فرنسا في الجزائر، تحتاج إلى إبقاء مجتمعها مقتنعًا بأن كل انسحاب هو انتحار، وكل تساهل يعني زوالها. لهذا، هي تعيد إنتاج الخوف بلا توقف، سواء عبر سياسات الترهيب، أو عبر اختراع أعداء جدد كلما اختفى الأعداء القدامى. لكنها، مثل أي مشروع استيطاني آخر، ستواجه يومًا اللحظة التي يبدأ فيها السؤال المحظور بالتسلل إلى عقول الإسرائيليين: هل يستحق الأمر كل هذا العنف؟

إسبرطة لم تسقط لأن جيشها كان ضعيفًا، بل لأنها لم تستطع أن تقدم لمواطنيها أي شيء سوى الحرب. وعندما ظهرت قوى أخرى أكثر قدرة على إدارة الحياة، لم يكن لدى الإسبرطيين ما يدافعون عنه سوى ماضٍ لم يعد يعني أحدًا. المشاريع الاستيطانية لا تنهار فجأة، بل تتآكل ببطء من الداخل. كما سقطت جنوب إفريقيا عندما لم يعد الفصل العنصري مستدامًا، وكما سقطت فرنسا في الجزائر عندما أصبح الاحتلال عبئًا، ستجد إسرائيل نفسها أمام معضلة لا حل لها: هي لا تستطيع الاستمرار بدون العنف، لكنها أيضًا لا تستطيع البقاء بالعنف وحده. ويمكننا اعتبار أن المشروع الصهيوني المنفلت من عدالة المنطق والفطرة البشرية اليوم هو في المرحلة قبل الأخيرة من السقوط.

إسرائيل اليوم ليست دولة عادية، بل كيان يعيش بحالة طوارئ دائمة، ويعرف أن رفع حالة الطوارئ يعني الاعتراف بأن هناك خطأ ما في أساس الفكرة. ومثل إسبرطة، التي ظنت أن الحرب ستُبقيها للأبد، ستكتشف إسرائيل يومًا أن العالم لا يسير وفق منطقها، وأن القوة التي بنتها بعناية ونوايا متوحشة، تصبح في النهاية أثقل من أن تُحمل.

Ahmad Azzam • 2025-05-28
Ahmed Azzam är en syrisk-palestinsk författare som bor i Sverige och var fristadsförfattare i Göteborg 2020-2022.